السبت، 5 أغسطس 2023

حِيْنَ يَحِيْنُ الْعَرْضُ

محمد السيد

تشرين..تُشِيْرُ الساعةُ للتاسعةِ مساءً..تعلو لوحاتٌ ورقيةٌ إعلانيةٌ ضخمةٌ واجهة المبنى..ضجيجٌ لا متناهي..نساءٌ ورجال..يندفعن حول الشباك الزجاجي الصغير..أخترقُ الجموعَ المكتظة..أستلُ تذكرتي و صاحبتي..نسيرا منتشيين نحو القاعة..يستوقفنا موظفُ الدخول بمصباحه اليدوي..بصوتٍ خافت..بالكادِ نسمعه.."أهلاً يا بيه..أهلاً يا هانم..اتفضلوا"..يُرْشِدُنَا إلى مقعدينا..شاشةٌ سوداءٌ ضخمة..موسيقى كلاسيكية شرقية جذابة..يظهر عنوان الشركة المنتجة..تقدم..تتتابعُ الأسماءُ على خلفيةٍ ليليةٍ ، يظهرُ أعلاها القمر..تتحرك الصورةُ لتعرض في انسيابيةٍ عجيبة , مدينةً تزهو شوارعها بحركةِ المارة..رجالاً متحررينَ ونساءً شبه عاريات..ظلامٌ دامسٌ يعم المكان من حولي..الناسُ تبدو هائمة في الظلام..لا أراهم إلا أشباحاً خلف الشاشةِ التي يخترق ضوءها الخافت أساريرَ الظلام..تتتالى المشاهد مشهداً مشهد..لقطةً لقطة ؛ مع تتالي الأحداث للنصِ السينمائي المكتوب بحبكةٍ سنيمائيةٍ رائعة..نصٌ مكتوبٌ بعناية..صورةٌ ذات جودةٍ عالية بين شريطين أسودين..تستهويني البطلةُ الشقراء..ابتسامتُها الساحرة..غمازتاها..عيناها النجلاوتان الخضراوان..قوامُها الممشوق..تتمايل مع سمفونيةٍ كلثوميةٍ آسرة ، فتسرقُ الأنظار..تتحرك الصورة لتستكشف ثنايا جسدها المفتون..خبايا قسماتها..تشدُّ رفيقتي على يدي..أشعر ببرودةِ أنامِلِها..ترتعش..أعصرُ كفَّها البضَ بكفي..ابتسم وكأنني أتجاهل..أنظرُ من حولي..الكل يحدق والبعض يُقَبَّل..النساءُ يختلسن في خجل..أحاول لملمت شتاتي..أعودُ إلى الشاشة..مازالت البطلة تتمايل وحبيبها مشدوه..الجمهورُ يتابع..الأحداثُ تتتابعُ في حبكة..سياراتٌ تتحطم..أصواتُ رصاص من هنا وهناك..تعلو الموسيقى التصويرية الحركية..يمرُ الوقتُ والأحداثُ تتتابع..يلقى البطلُ البطلة..بعد تحدٍ دام طويلاً..يحصلُ عليها..يأخذها بين ذراعيه ويغيبا في قبلةٍ طويلة..يظهرُ عنوان النهاية..تصعدُ كلماتُها من أسفلِ الشاشة..تُضَاْءُ الأضواء..يتنهد الجميعُ قبل النهوضِ لمغادرةِ القاعة..بين كلِ زوجين..تعلو ثرثرات النقاش..الضحكات..الابتسامات والانبهارات..يخرج الجميعُ بحالةٍ مختلفة وتخلو القاعة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ساعدنا برأيك كي نتطور

أنواعُ القلوب

 محمد السيد هناك   قلوبٌ   جدباء   لا   زرعٌ   فيها   ولا   ماء،   وهناك   قلوبٌ   خَصْباء   تُربتُهَا   والغيثُ   سواء .